الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

الوعي الذاتي..


بعضنا يعيش عمره كله وهو يتتبع اناه "الأنا" تاركا اياها تنصهر ببوتقة الوعي الجمعي دون ان ينتبه حتى، ويبني أناه وفقا لما جاءت به معايير الجماعة ويفقد ذاته دونها،

وبعضنا يصل اليها بشكل جزئي فيقضي بقية عمره يحاول التوفيق بين أناه الجزئية واناه المرتبطة بالجماعة ،

 وبعضنا "هم الواعون" يصل اليها كاملة لكن مجرد وصوله لها يرهقه في اعادة هيكلة ذاته بعيدا عن الوعي الجمعي وهذا الانفصال قد يستغرق منه وقتا قياسيا... أو يستغرق عمره كاملا!
يعتمد هذا على نوعية الوعي الذي وُهِب ومقدار قدرته على البناء الذاتي المنفصل عن البناء الجمعي. 

الشخص الاكثر "تأننا" هو الذي يجيد فهم نظريّة التفرّد كاملة وهذا يعني له ان يقتنع تماما انه لم ولن يكون يوما جزءا من الجماعة انما عليه فقط ان يتعايش معها 
حين نصل الى ذلك سنكف عن التذمر وعن رؤية العالم بمنظور سلبي لاننا سنفقد اساسا اتصالنا مع المعايير العامة لتحديد السلب والايجاب 
هنا تظهر الانا الحقيقية بموازينها الخاصة وقناعاتها الخاصة ورؤيتها الذاتية المكتملة عن نفسها.. بعيدا عن ادنى تأثير او ضغوط او مقاييس...

اذكر لقطة من فيلم طرزان -ديزني 
حيث جاءت القردة الى مخيّمات البشر ورأوا اوعية المختبرات والتحاليل والقياسات العلمية، فقاموا بتحويلها -حيث أنهم لم يدركوا حقيقة دورها-  الى ادوات موسيقية عزفوا من خلالها اغنية كاملة! 
بغض النظر عما اذا كان ذلك ممكن او خيالي؛ 
الفكرة هنا تكمن في النظرة الحيادية البحتة الى الامور بشكل خام ، دون ان ننتظر شيئا يخبرنا ماهي؛ وماذا يمكننا ان نفعل بها..! 
لو ان القردة كانت تعلم ان ما يرونه هو انابيب اختبار هل كانوا سيعزفون عليها؟!

مممم...  ان كانوا يملكون الوعي الكافي لتجريد ما يرونه من علمهم المسبق بأنها انابيب اختبار، فنعم.. كانوا سيعزفون! لم لا؟! 

من قال ان الاصابع خلقت لتعزف، او تخيط، او تكتب او ترسم او الخ؟! انهم الاشخاص الأوائل الذين استكشفوا انفسهم ثم تبعناهم نحن تحت مسمى مسيرة الفن 

خبر: انتهى زمن استكشاف الذات حيث اننا الآن نملك قوالب جاهزة نصهر بها انفسنا حتى وان كان بداخلنا شئ من ابداع فإننا نقولبه ليتخذ شكلا معروفا وسابقا! 
نفي الخبر: كلّا.. لم ينتهي شئ..
وكيف يُنفَى: نحن فقط بحاجة وعي اكثر وفهم اعمق.. وتجريد كل ما نراه وما نعرفه بالحياة عن منظورنا المسبق له ليمكننا خلق منظور جديد مختلف كليا يجعلنا نستمتع بالحياة ونحبها من جديد كأننا نراها للمرة الأولى. 
برأيي: الوصول الكامل لماهيّة الأنا وفهم نظرية تفرّدها وفصلها عن الوعي الجمعي يصل بالوعي الذاتي للمرء الى الحد الاقصى :) 

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رائعه ���� كملي كتابه