الجمعة، 4 يوليو 2014

رحمك الله يا أبي...


اليوم قد مر اسبوع على مغادرتك المفاجئة لنا يا ابي.. وما زلت حتى هذه اللحظة استيقظ كل يوم مفجوعة كـ أول لحظة واتتني بعد موتك، واتساءل.. هل كان كابوسا وقد صحوت منه الان؟

امنية عاجزة اتسوّلها في حين كل استيقاظ..

فأسرع الى غرفتك لتردُّ على تساؤلاتي الجدران الصامتة.. والسرير المجعد الفارغ.. وقنينة الماء التي تركت نصفها فارغا على طاولتك.. نظاراتك.. كتابك على الطاولة، الذي كنت تقرؤه (فضائل الصحابة) ولم تكمله، فتركت منديلا عند الصفحة التي وقفت عندها لتعود يوما فتكمله.. ولم/لن تكمله.. 


هل كنت ذائقا يا ابي قبلا هذا النوع من البكاء؟! 

حين مات والدك.. جدي.. او حين فقدانك لجدتي.. او احد الذين احببتهم.. 

او في أي زمان كان..؟


هل تعرف أي خطفة من منجم النار سُرِق هذا البكاء..وألقي في قلبي كمرجل يغلي ب أعماقي.. يحرقني بحمم من شوقٍ صارخ إليك.. !

حمم تتسرب من تشققات روحي الممزقة.. فينساب من شقٍّ صوتك.. وتنساب من آخر ضحكتك.. ومن شقٍّ ثالث رائحتك..

ثم تنفجر روحي بالفقد العظيم.. فقدك يا أبي.. 

وكيف يمكن -بابا- ان ألملم اشلاء روحي من بعدك!


هل تعرف أي عراء خلّفه غيابك يا أبي..؟


ان ترتج السماء وتسقط فجأة فوقك.. بكل هيبتها.. وامانها.. وعزها وجبروتها ورحمتها وحنانها..!

ان يهتز سقف المنزل العظيم ثم ينهدم على رأسك وتشعر بسقوطه حجرة حجرة .. تهشّم كل ذرة فيك على حدة..وبأبشع أوجاع العالم..!


كل عواءات الريح وزئيرات العواصف وصراخات العذاب تختصرها صورة واحدة ظلامية تظهر في ذاكرتي الموجوعة، لمشهد جثتك على سرير المشفى في اللحظة التي فقدت فيها الروح.. 

فأغمض عيناي بقوّة كأنني احبس روحي المحترقة عن الرحيل عبرهما.. وليتها ترحل لتلحق بك يا أبي...


هل تعلم أي شوق عاجز يلمّ بي كلما مررت بزاوية في البيت لك فيها أثر..؟

هل تدرك يا أبي أي حنين اتسوّل به بقاياك،

بأن أقبّل مكانا قد لمستَه.. او مررتَ به.. ؟

ان امرّغ وجهي في قميصك الأخير لعلّي اتنفس بقايا رائحتك.. ان اضم وسادتك بشدّة .. اتشمّمها بكل ما املك من انفاس متقطعة لعلي في ذات غمضة ألقاك.. او ربما اجدني قد صحوت من هذا الكابوس الحارق فأجدك أمامي.... 


وأصلّي في قلبي.. صلاة المشتاق المعذب النادم على كل ثانية ابتعاد.. اصلي صلاة المحترقةِ روحه.. المفارق لحبيب لا توازي محبته احد.. اصلّي صلاة الجائع لـ اللقاء.. صلاة العاجز الذي يعرف جيدا انه لا لقاء حتى تحين حياة الأبد...

أصلّي حتى يغيب وعيي إليك، عن هذا العالم الموحش.. انقب عن وجهك المبتسم .. عن صوتك الحاني.. عن نظراتك الآمنة .. في ذات حلم او رؤيا تجمعني بك... 


رحمك الله رحمة واسعة يا أبي.. 

ليتك تنعم في جنان الفردوس الاعلى..

ليت الرحمن الرحيم واسع المغفرة يجمعنا معا - في ذات ابد - بذاك الفردوس..


وداعا يا أبي..

وداعا يا من عجزت طيلة حياتي ان ادرك كم احببته.. 

يا من عجزت ان اترجم له هذا الحب مهما كنت قد فعلت في حياته.. 

وداعا يا من ستظل روحي تحترق كل فجر.. حين يأتي موعد اتصاله اليومي ليوقظنا من اجل الصلاة.. فيبقى هاتفي ساكنا.. وانتظر طويلا دون ان يتصل... 


وداعا بابا... حتى يحين لقاء الأبد... 


اللهم اغفر لأبي وارحمه.. وعافه واعفو عنه.. 

اللهم غسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس...

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

آمين .. رحمه الله واغمد روحه الجنه و جمعكم به في الفردوس الأعلى ..
أحسن الله عزائكم أختنا أنين , وجعلها آخر أحزانكم ..
لا أعرف لماذا ظهرت هذه التدوينة اليوم بالذات كـ"غير مقروءة" على قارئ الأخبار لدي رغم أن تاريخها قديم..
لكني حين رأيت أن هناك تدوينة جديدة لديك وقبل أن أقرأ عنوانها أحسست بأنقباض في صدري وكأني أعرف محتواها ..
رحمه الله وغفر له ..

البتــــول مشــهـور يقول...

صديقي الغير معرف.. حتى أنا اعتقد انني فقدت التواصل مع مدونتي منذ زمن طويل ولم اعد اعرف أين وكيف كتبتها.. حتى انني اشعر ان هناك امرأة اخرى كانت تسكن داخلي في تلك الأيام العصيبة وهي التي كانت تكتب وتشعر وتعبر..

لأنني منذ ذلك الحين.. فقدت القدرة على الكتابة والتعبير..

شكرا لك.. سعدتجدا بمرورك واحساسك العالي بمصابي..

تمنيت ان اعرفك لكن يكفيني أن يصل إلي شعورك ومواساتك وتعزيتك..

شكرا لك :)